بطريركية الأقباط الأرثوذكس
كنيسة السيدة العذراء
محرم بك – إسكندرية
الصليب والقيامة في حياة أبرار معاصرين
أبونا القديس بيشوي كامل
أبونا بيشوي كامل في كلمات:
+ وُلد في ٦/ ١٢/ ١٩٣١.
+ أسس كنيسة مارجرجس بسبورتنج وكان أول كاهن لها في ٢/ ١٢/ ١٩٥٩.
+ أسس الخدمة في أمريكا في عيد مارمرقس ٩/ ١١ /١٩٦٩ وكانت روح الكاروز ترافقه، وسمى الكنيسة باسمه.
+ تنيح في ٢١ /٣ / ١٩٧٩.
+ سر نجاحه: هو إيمانه برسالته، منذ شبابه المبكر آمن أنه يستحيل أن يعيش لهدف آخر سوى البحث عن النفوس البعيدة عن الله والدخول بها لحياة الاتحاد مع المسيح.
+ كان يؤمن بقوة الصليب ويدفع معترفيه للتأمل في جراحات المصلوب وكان يقول "بقدر ما يزداد تأملنا في الصليب بقدر ما تتعمق شركتنا ومعرفتنا بالرب"
+ كان يقول ربنا يسوع أحب العالم بالصليب فالصليب هو أقصى درجات الحب فينبغي أن يعيش الخادم حياته كلها غارقًا في حب المصلوب. والحب الإلهي في الصليب هو حياة الخادم والمسيحي، ومن خلال اختباراته في المسيح المصلوب يستطيع أن يغرس في مخدوميه حب يسوع وشناعة الخطية التي لن يمحوها إلا دم الصليب من أجل يسوع.
+ طلبة قالها أبونا بيشوي كامل: "اشركني آلام حبك للبشر" فقد كان يشتهي أن يشارك كل إنسان في حمل صليبه لأنه كان يؤمن أنه يأخذ بذلك بركة، أراد الله أن يدخله إلى شركة الآلام بفرح فوهبه عطية مرض السرطان وما خدم به أبونا يفتح بيته وقلبه لشعبه في وسط أتعابه، وهو يئن لا يقدر أن يخدم كان الكثيرون يجدون تعزية ليست بقليلة لمجرد رؤيتهم لأبيهم المتألم، وسماعهم عن صبره بفرح.
أبونا بيشوي كامل تحت أقدام الصليب:
"لأن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة أما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله... لأنه إذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة استحسن الله أن يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة لأن اليهود يسألون آية واليونانيين يطلبون حكمة، ولكننا نكرز بالمسيح مصلوبًا لليهود عثرة ولليونانيين جهالة" ١ كو ١: ١۸–٢٣ يقول أبينا الحبيب تعليقًا على النص السابق أن هناك ثلاث مواقف إزاء الصليب.
أولاً: عثرة الصليب:
أنت يارب قلت: ويل لمن تأتي بواسطته العثرات فكيف يكون الصليب عثرة؟! الصليب ليس في ذاته عثرة ولكن لليهود، والتهود حركة رديئة باطنية في نفس الإنسان يعثرها الصليب. يا نفسي عندما تتطلعين لحب الرئاسة يسوع يقول لكِ ما جئت لأُخدَم بل لأخدِم. الصليب عثرة لكِ يا نفسي الأنانية عندما تتطلعين ليسوع المصلوب باذلاً ذاته بلا حركة على الصليب، عثرة لكِ يا نفسي عندما تشتهين المتكأ الأول وصوت الرب يدعوكِ دائمًا للمتكأ الأخير، عثرة لكِ يا نفسي المحبة للظهور عندما ترين يسوع مرذولاً يحذرك من الصلاة في الأزقة ونواصي الشوارع، عثرة لكِ يا نفسي عندما لا تحتملين من يخدش كرامتك لا في المنزل ولا في العمل ولا حتى في خدمة الكنيسة، عثرة لكِ يا نفسي عندما ترين يسوع محتقرًا مرذولاً على الصليب.
ثانيًا: جهالة الصليب:
ربي يسوع: أنت أعلنت لي أن الصليب هو حكمة الله وقداسة وفداء أنه حكمة الله في سره... عندما يعجز الإنسان عن فهم أي أمر من الأمور فإنه يدعي حقارة هذا الأمر، وهكذا فإن سر التجسد والفداء أسرار إلهية عالية لا يقدر إنسان على إدراكها إلا اذا أعلنها الروح القدس.
الإنسان ظن أنه يستطيع أن يفهم الله وبذلك يستطيع أن يكون سيدًا له ولم يعلم أن حكمة الإنسان جهالة أمام الله، عندما تكلم بولس الرسول عن الآلام والقيامة قال له فيلكس الوالي "أنت تهذي يا بولس الكتب الكثيرة تحولك إلى الهذيان" أع ٢٦: ٢٤
وفي قرننا العشرين سيظل الصليب جهالة، سيظل الصليب هو الفرق الواضح بين المسيح والعالم وفلسفاته ودياناته، ستظل عقيدة التثليث والتجسد والصلب والقيامة جهالة للآخرين.
المسيحي الذي يتمسك بالحق في حياته وعمله يتهمه زملاؤه أنه غير متفتح، والمسيحي المتسامح يتهمونه بالعبط، والإنسان المؤمن يتهمونه بأنه غير واقعي والذي يترك العالم ليعبد الله في ديره يتهمونه بالهروب والذي يصرف ماله ووقته في الخدمة يتهمونه بالإسراف؟؟!
ربي يسوع: أنت تعلم أن كنيستنا متهمة بالتأخر والجهل، لأن الصليب عند الكثيرين جهالة.
ثالثًا: الصليب قوة:
+ الصليب في طبيعته قوة: سأل بيلاطس يسوع عن الحق فلم يجبه لأن الحق واضح، فهدده بيلاطس بالصلب فقال له يسوع: ليس لك سلطان عليَّ إن لم تكن قد أُعطيت من فوق.
كان الصليب شهادة على قوة المسيح، وأبناء يسوع ينبغي أن يكونوا أقوياء والشاهد على قوتهم هو صليبهم... واحتمال الألم من أجل الوقوف ضد العالم.
ربي يسوع: علمني عندما أكون في شدة في العالم ألا أحس بأني مهزوم ولكني منتصر بقوة صليبك.
+ الصليب في طبيعته أقوى درجات الحب:
+ الحب... الحب إلى المنتهى... بلا مقابل... هزيمة الكراهية.
+ الصليب في طبيعته أقوى درجات الغلبة على الشيطان والموت والجحيم والعالم:
رأيت عندما يضع الكاهن صليبه على إنسان به روح نجس... يصرخ في شدة ويخرج خوفًا من الصليب... ما أرهبك أيها الصليب.
ربي يسوع اكشف عن عيني لأكتشف قوة صليبك في حياتي وانقذ عقلي من طياشة الأعمال الهيولية إلى تذكار أحكامك السمائية، واعطني ألا أشتكي من أتعاب خدمتك بل اجعل نفسي قيروانيًا آتيًا من الحقل. اعطنى يارب أن أحيا لا أنا بل أنت فيَّ، ويكون لي نصيب مع الغالبين بقوة الصليب أمام البحر الزجاجي، غالبًا على الوحش وصورته وسمته وعدد اسمه.
أبونا بيشوي كامل ومعنى الصليب:
يقول أبونا الحبيب: الصليب يعني التغيير، لو قلت أنا مسيحي فهل أنا أشعر بحركة التغيير المستمر في حياتي، أشعر بأني أتغير من الكراهية للحب، أي أصلب الكراهية فيحيا المسيح "الحب" فيَّ. أشعر بتغيير اللسان - مسك السيرة - الشتيمة... إلى صلب اللسان ثم إلى التسبيح ليكون لنا لسان المسيح.
أحيانًا يفرح الإنسان بمال أو بفستان أو بمركز ولكن الإحساس الحقيقي هو الإحساس بالتغيير وبقوة حياة المسيح وهذا هو سر المسيحية، الفرح الذي لا يُنطق به ومجيد، فرح القوة الداخلية.
بروفوريوس: البهلوان عندما أراد أن يلعب ويمثل أسرار الكنيسة في عيد ميلاد الإمبراطور أحضر حوض كبير مملوء ماء وبدأ في تقليد سر المعمودية، وعندما رسم الصليب على الماء أضاء الرب عينيه فأبصر نعمة إلهية حلت على الماء فغطس ثلاث مرات وخرج لينال إكليل الشهادة في ثاني يوم عيد الصليب ١۸ توت.
أبونا بيشوي كامل والمعنى العملي لحمل الصليب:
يقول أبونا الحبيب أن الطريق العملي لحمل الصليب والتقابل معه:
١) أن أنفذ وصية يسوع مهما كانت ثقيلة حتى إلى حمل الصليب.
٢) كل جهاد ضد الخطية من أجل الحفاظ على حريتي هو حمل للصليب.
٣) كل رضى أوتسليم بمرض أو ألم بشكر وفرح ورضى هو حمل للصليب.
٤) هناك صنف رابع هو أروع مقابلة مع الرب يسوع، هو لقاء سمعان القيرواني كإنسان يدخل ليحمل صليب إنسان آخر.
أبونا بيشوي كامل حامل الصليب مع المسيح:
يقول أبونا الحبيب:
إلهي: عرفت جيدًا معنى قولك أن أحمل صليبي صليبي هو جهادي ضد الخطية، وصليبك هو خطيتي التي فشلت في مقاومتها إذ هما واحد، صليبك هو مكمل لصليبي.
إلهي: سأحمل خطايا إخوتي وأصلي عنهم كما أصلي لأجل خطيتي. سأصوم من أجلهم كما أصوم من أجل نفسي. سأعمل على افتقادهم وإبعادهم عنها بأن أحملها بنفسي عنهم.
يسوع حبيبي: أهلني أن أكون سمعانًا قيروانيًا.
١) مش هاسيب بنتي:
هي بنت يتيمة فقيرة، وقعت في براثن شاب غرر بها حتى أصبحت فريسة سهلة، يومها كان أبونا يجري بكل طاقته من البوليس للنيابة إلى الطب الشرعي. ولم يهدأ حتى خرج بها في يده ولكن الشاب دبر ليختطفها وهنا أمسك أبونا بيشوي بالسيارة وهو يصرخ لن أترك بنتي... مش ممكن أسيبها، وانطلقت السيارة وأبونا ممسك بها تجره خلفها، واندفعت حتى فلتت يداه فكانت اليد الملائكية تحمله وتحفظه من السقوط ولم يترك المعركة حتى ردها للرب بفرح وسرور.
لهذا ألا يعتبر أبونا بيشوي شهيد بدون سفك دم؟ مثل يوحنا الحبيب...
٢) لو كان أبونا بيشوي موجود:
جاءت للكاهن تصرخ وتبكي فزوجها الذي سقط في يد الشيطان جاء لينتزع أولاده الذين عانت الأم من أجلهم لتحفظهم في الإيمان.
صرخت أمام الكاهن "لو كان أبونا بيشوي موجود" ورد الكاهن "هو لم يمت" هو يشعر بكِ اذهبي للكنيسة وسوف ترين أنه يعمل بأقصى قوة أكثر مما قبل..." وهناك انطرحت بجانب المزار تبكي وخرجت وهي مستريحة النفس أن أبونا بيشوي يعمل...
ويعمل أبونا بيشوي ويعود الزوج للحظيرة ...
كلمات أبونا بيشوي عن الصليب:
+ قويني أشيل صليبك وماتزمرش وما أشتكيش لحد، ولا أكتم في نفسي بل أفرح.
+ أن الذي يسير مع يسوع حتى الصليب يستحق أن يأخذ العذراء أمًا له.
+ المسيحية جاءت لتخلق شبابًا وشابات يغلبون العالم بالصليب حتى الدم.
+ الصليب هو الطريق الوحيد للقيامة.
+ الصليب مدرسة، الهروب منه ضياع للمستقبل
ربي يسوع: أنا لا أطلب لنفسى صليبًا معينًا ولكن الذي تختاره مشيئتك لي... وأنا لا أريد أن أعرض عليك خدماتي، بل تستخدمني أنت فيها.
إلهي يسوع: إن صليبك الغالي هو أجمل هدية منك لي أقبله وأحمله بفرح... وإن لم ترسل لي يا حبيبي صليبًا... سأبحث لي عن صليب داخلي ربما تدريب على الاحتمال... ربما الصوم... ربما سهر لدراسة... ربما خدمة.
ربي يسوع: ذراعاك مفتوحتان على الصليب تريد أن تحتضنني مع البشرية كلها... رجلاك مسمرتان على الصليب نظير رجلاي اللتان تذهبان إلى أماكن الشر... يداك مسمرتان نظير يداي اللتان طالما امتدتا للشر... لسانك لصق بحنكك نظير لساني الشرير وأذناك سمعت التعيير نظير سماعي لكل كلمة شريرة... التفل جاء نظير نظراتي الشريرة.
نياحته:
لقد تنيح أبونا بيشوي كامل في يوم عيد الأم لأنه كان أب + أم بحق يفتدي أولاده بحياته مثل الآباء الرسل القديسين، وقد تجلت صفة الأمومة هذه في كل حياة أبونا بيشوي وخدمته، وخاصة في صبره وطول أناته مع الضالين حتى يعودوا نادمين معترفين متهللين، وكان دائمًا يقول بلسان حبيبه القديس بولس "يا أولادي الذين أتمخض بكم إلى أن يتصور المسيح فيكم..." غل ٤: ١٩
عشق الصليب وحمله بفرح فحمله الصليب وعبر به في اليوم الثالث للعيد أي في ١٢ برمهات ١٩٧٩، بعد أن تغنى بقوة الصليب والقيامة وتمنى لو أن كل فرد أدرك سر هذا الصليب. ومضى يسبح تسبحة الغلبة والخلاص مع الأربعة وعشرين قسيسًا، وانضم إلى سحابة الشهود التي تشفع فينا.
بركة صلواته وطلباته تشملنا كلنا آمين.