كلمة القمص متى باسيلي
تلميذ حبيبنا القمص بيشوي كامل
كاهن كنيسة مارجرجس بسبورتنج
من كتاب القمص بيشوي كامل حامل الصليب
أشكر اللـه الذي أعان وشجع أبي الحبيب القس جرجس سامي وأرشده أثناء فترة خدمته في هاليفاكس أقصى شمال كندا أن يتصل ويجمع فصول كتاب عن القمص بيشوي كامل ليصدر بمناسبة الذكرى الـ ۲۱ لانتقاله إلى الفردوس شاملاً كلمات قداسة البابا شنودة الثالث (أطال اللـه حياته بموفور الصحة)، والأحبار الأجلاء المطارنة والأساقفة والآباء الكهنة والأحباء العلمانيين وأعطاني بركة مراجعته النهائية قبل الطبع. مما أتاح لي فرصة التعرف على معلومات لم أكن أعرفها وعشت خلالها متتلمذًا على أبونا القمص بيشوي كامل مستفيدًا جدًا من اختبارات خدمته.
هذا شجعني وشعرت أنه من واجب الوفاء عليَّ أن أسجل في إيجاز بقدر الإمكان ذكريات بعض المواقف مع قدسه:
۱- سمعت عن خدمة الأستاذ سامي كامل في كنيسة السيدة العذراء بمحرم بك أثناء ترددي لزيارة أقارب لي كان ابنهم خادمًا متتلمذًا له وكنت أعمل خارج الإسكندرية. وتصادف في إحدى الزيارات تواجدي عند باب الكنيسة المرقسية ليلة إكليله على تاسوني أنجيل ومازلت أتذكر لحظة دخولهما الكنيسة مع ترانيم الشمامسة.
۲- بعد سيامته وفي أواخر الستينات انتقلت إلى دمنهور وسكنت في الإسكندرية فكنت أواظب على اجتماع الشبان في كنيسة مارجرجس - سبورتنج وأصلي وأخدم في كنيسة مارجرجس بباكوس. وحرصي على حضور الأيام الروحية التي كان يرتبها في كنائس متنوعة. فتعارفنا عن قرب اهتم جدًا بابنتي أثناء دراستها في الثانوية العامة وزارها ۳ مرات لتشجيعها ورفع معنوياتها. مما كان له أثر كبير على كل الأسرة. وكان يوقف سيارته في مكان ويزور كل العائلات الموجودة حول هذا الموقع زيارات تفقدية سريعة كانت سبب بركة وبهجة لهم.
۳- بعد سيامة الأنبا يؤنس أسقفًا على الغربية سنة ۱۹۷۱ طلبني لخدمة الكهنوت معه في طنطا نظرًا لصداقتنا وخدمتنا السابقة معًا في المنصورة حيث كان مدرسًا للتاريخ. وحضر إلى الإسكندرية ليزورنا بهذا الخصوص ورتب الله أن يتقابل مع قدس القمص بيشوي كامل في البطريركية ويتحدث معه عن سبب حضوره .. فالتقت الفكرة وحضر هو لزيارتنا وحدثنا عن سيامتي كاهنًا معه هو والقمص لوقا سيدراوس نظرًا لاتساع الخدمة وتواجد القمص تادرس يعقوب وقتئذٍ في الولايات المتحدة .. ودون أن يحرجني بأن أتكلم إلى الشعب ليتعرفوا عليَّ لكن بصلواته وصلوات أبي القديس القمص ميخائيل إبراهيم تمت سيامتي في ٦ أغسطس سنة ۱۹۷۲ كأول كاهن بيد قداسة البابا شنودة الثالث في الإسكندرية والذي اصطحبني معه في سيارته إلى الدير.
٤- خلال مدة الأربعين يوم استعار أبونا بيشوي سيارة صديقه (المرحوم فهمي معوض) وأحضر معه ابنتي لزيارتي في الدير حيث تحدث معها ببشاشة أبونا بموا ربيتة الدير وقتئذٍ وحاليًا نيافة الأنبا بموا أسقف ورئيس دير الشهيد مارجرجس بالخطاطبة.
٥- يوم عودتي من الدير رتب استقبالي بالكنيسة ثم أشار عليَّ بالبدء في زيارة العائلات التي تقيم في المنطقة المحصورة بين خطي الترام من سبورتنج إلى سيدي جابر لأنها بعيدة عن كنائس مارجرجس والعذراء والملاك بالرمل.
٦- كنت أرجو أن يعطيني توجيهات وملاحظات كيف أخدم لأني حديث لكنه قال أنه لا يمكن أعطي كاهن تعليمات كيف يخدم، الروح القدس يرشده لكنه بقدوته كنت أتعلم منه بالنسبة للخلافات العائلية يقول المتنازعين علشان خاطر المسيح الذي احتمل من أجلنا وغفر لنا ننسى ما فات لا نتكلم فيه ونشوف ربنا عاوزنا كيف نسلك حسب وصيته، وبمكالمة تليفونية كان يرجو وكان يُطاع من أجل محبته واهتمامه بأولاده المتخاصمين وكنت أراه يضع مفكرته على المذبح وبها أسمائهم ليذكرهم في القداس.
۷- كان يأخذني معه لمناولة طالبة المرحلة الإعدادية أصيبت بالسرطان ويكلمها بلطف حتى نسيت المدرسة ورفع فكرها وقلبها ليُعدها للفردوس.
۸- اهتم أن يسهل لي انتقالاتي فأوصى الرجل الطيب عم راغب ميكانيكي السيارات الذي يهتم بصيانة سيارته، بأن يترقب فرصة ليشتري لي سيارة متينة حالتها جيدة وفعلاً ربنا وفقه واشترى سيارة ماركة انجليا ونفعتني كثيرًا لبضعة سنوات وكنت أعتز بها إلى أن بعتها واستبدلتها بأخرى. كما لا أنسى محبته إذ أهداني ساعة يد بعد عودته من خدمته في الولايات المتحدة.
۹- بعد قداسات عيدي الميلاد والقيامة كان يكلف بعض سيدات الكنيسة بإعداد طعام للطلبة والطالبات المغتربين ويأكل معهم ثم نتقاسم توصيل الطالبات إلى منازلهم بالسيارات.
۱۰- عندما اشتد المرض على أبونا القمص ميخائيل إبراهيم - كنيسة مارمرقس بشبرا - الذي اتخذه كأب اعتراف له، وعلم أنه في حالة غيبوبة - وإذ كان يعرف مدى محبتي وصداقتي له واعترافي عليه كلما سنحت لي فرصة لذلك في منزله بشبرا أو الكنيسة أو عند حضوره إلى الإسكندرية - لذا أخذني أبونا بيشوي معه لأخذ بركته قبيل نياحته.
أثناء ذلك حضر قداسة البابا شنودة إلى منزله بشبرا وصلى له ثم قال لأبونا بيشوي عندما تنطلق روحه تعالوا أخبروني بذلك في أي وقت من الليل. وحدث ذلك حوالي الساعة الرابعة صباحًا فذهبنا إلى غبطته في مقر سكنه الأول بمبنى الأنبا رويس (المقر البابوي الحالي كان وقتئذٍ تحت الإنشاء).. فنزل قداسته معنا ومعه مفاتيح الأبواب التي فتحها بنفسه إلى أن وصلنا إلى الطابق السفلي للكاتدرائية واختار مكانًا وأمر أن تُبنى فيه فورًا مقبرة لأبونا القمص ميخائيل إبراهيم.. وحضرنا صلاة التجنيز في الكاتدرائية التي رأسها قداسة البابا وقال في كلمته "إنني اخترت أن يُدفن هنا في هذا المكان وليس في بلدته كفر عبده (منوفية) ليكون قريبًا مني لأخذ بركته".
۱۱- بعد رحلة حياة أبونا الحبيب القمص بيشوي المثمرة المتكاملة التي شملها كل فصول هذا الكتاب.. وفي نهاية مشوار معاناته من المرض بآلامه لزم بيته ثم لازم الفراش مستسلمًا للعلاج الكيميائي بالحقن بعد عمل التحليل اللازم للدم كل مرة، نصح الأطباء بمنع الزيارة عنه إلا للضرورة القصوى.. لكنه كان هو يريد ألا يمنع أحد وأن يرى - كل من يحضر لزيارته. وكنت متواجدًا أثناء عرض مشكلة فنصح قدس زبونا الشاكي بأن يتنازل عن شكواه لكنه رفض، فترجاه أبونا - وهو على السرير بالتصالح بحل وسط ارتضاه الطرفان ونفذاه..
+ وكنت أتحاشى زيارته تنفيذًا لتعليمات الأطباء حتى لا أثقل عليه لكن ذات يوم أخبرني المهندس والشماس ألبير نوار وجاره في السكن بأن أبونا بيشوي يطلبني، فأسرعت لزيارته فأوصاني بمساعدة سيدة ترملت ولها ولد صغير إذ أن معاشها الذي تستحقه عن زوجها لا يكفيها وأعطاني عنوانهم. ثم أشار لي أن أقترب منه ليعترف وأصلي له التحليل.
+ وفي فجر يوم انتقاله أُخطرت تليفونيًا للحضور لأخذ بركته فأسرعت وأسرتي إلى منزله فباركنا برشم علامة الصليب على جباهنا بيده التي كانت تعاونه في رفعها تاسوني أنجيل. وأثناء ذلك وصل خصيصًا بقطار الصحافة من القاهرة قادمًا من لندن الطبيب القبطي الذي كان يشارك في علاجه بالمستشفى هناك، وفوجئت بأبونا يسأله عن أولاده وزوجته بأسمائهم ويشكره على تعب محبته وحضوره.
+ بعد دقائق معدودة انطلقت روحه الغالية إلى الفردوس فأسرع صديقه المقدس فرج أقلاديوس (تنيح عام ۱۹۹۷) وهو الذي بنى الكنيسة - وأعد مقبرة لائقة به بالطابق السفلي للكنيسة تحت مقصورة مارجرجس وأصبحت مزارًا لأغلب الرحلات بعد زيارتهم لدير الشهيد مارمينا ورحلات تأتي خصيصًا من القاهرة وملوي وغيرها طالبين بركة صلواته وبركة بصلواته لكل الكنيسة وخداما وخادمات ولكل الشعب.
راجين من الله له المجد أن يعيننا كما أعانه
وأن يقبل صلواته عن ضعفاتنا.