خروج مستمر
العلَّامة أوريجينوس
لا يريد الله أن يغرسنا في مصر (محبَّة العالم)، ولا في أماكن فاسدة شرِّيرة، لكنه يريد أن يُقيمنا في جبل ميراثه. ألا تبدو الكلمات: "وتجيء بهم وتغرسهم" (مز ٨۰: ٨) كأنما يتحدَّث عن أطفال يقودهم إلى مدرسة حتى يتثقفوا بكل أنواع العلوم؟!... لنفهم كيف يفعل هذا. "كرمة من مصر نُقلت، طردت أممًا وغرستها. هيَّأت قُدَّامها فأصَّلت أصولها، فملأت الأرض. غطَّى الجبال ظلَّها وأغصانها أرز لله" (مز ٨۰: ٩، ١١)... إنه لا يغرسها في الوديان بل على الجبال، في أماكن مرتفعة وعالية. لا يريد أن يترك الخارجين من مصر في الحضيض، إنما يقودهم من العالم إلى الإيمان. يريد أن يقيمهم على المرتفعات. يريدنا أن نسكن في الأعالي، لا أن نزحف على الأرض. لا يريد ثمرة كرمته تلمس الأرض، إنما يريد أن تنمو كرمته دون أن تشتبك فروعها مع أيَّة شجيرة، بل تلتصق بأرز الله العالي المرتفع. أرز الله في رأيي هم الأنبياء والرسل، فإننا إن التصقنا بهم نحن الكرمة التي نقلها الله من مصر تنمو أغصاننا مع أغصانهم. إن كنَّا نتكىء عليهم نصير أغصانًا مغروسة برباطات الحب المتبادل، ونأتي بلا شك بثمر كثير.
لتتقدم وتقود حياتي بنفسك!
فأتمتَّع بخروجٍ يوميٍ جديدٍ!
لن يقدر العالم بكل إغراءاته أن يمسك بي!
ولا بكل أحزانه أن يحطِّم نفسي.
أطلقني من أنانيتي وفساد طبيعتي،
فأنت وحدك تقيمني من قبري،
وترفعني إلى سماواتك!
من كتاب لقاء يومي مع إلهي
خلال خبرات آباء الكنيسة الأولى
لأبونا تادرس يعقوب