تناغم الخليقة
القدَّيس إيرينيؤس
"السماوات تحدِّث بمجد الله، والفلك يخبر بعمل يديه" (مز ١۹: ١).
تنبع كل الأشياء من الله. وحيث أن المخلوقات عديدة ومتنوَّعة، فهي تثبتت وتواءمت مع الخليقة كلها. ومع ذلك فحينما نلاحظها على انفراد نجدها متناغمة في تقابلها، كالقيثارة التي تتكوَّن من العديد من المقاطع المتقابلة. لكنها في النهاية تعطي نغمة متصلة من خلال المقاطع التي تفصل الواحد عن الآخر. لكن يجب ألا ينخدع الباحث عن الحقيقة بالفواصل التي تفصل بين المقطع والآخر أو يتصوَّر أن السبب في ذلك يرجع إلى ملحن أو آخر، بل عليه أن يثق أنه يوجد كائن واحد قد صنعها جميعًا ليثبت المهارة والجودة وجمال العمل جميعه.
أولئك الذين يستمعون إلى النغمة يلزمهم أن يسبحوا الصانع ويمجدوهوليظهروا عجبهم بعمله. فتارة يقدم لهم مقطوعة عالية، ومرَّة أخرى ناعمة. ليدركوا الفرق بين هذه النغمات المتباينة. وليدركوا الطبيعة الخاصة للبعض الآخر، وحينئذٍ يتساءلون عما يهدف كل منها وعن سبب التباين.
فلا نيأس أبدًا من تطبيق دورنا في الحياة، ولا نحبط الخالق. ولا نلقي إيماننا بالله الواحد الذي خلق الموجودات ولا نجدف على الخالق.
إنَّي مدين لك بكل حياتي!
خلقت كل شيء من أجلي!
خلقتني وترًا ثمينًا في قيثارة السماء!
يضرب عليها روحك القدّوس،
فتخرج سيمفونيَّة حب إلهي!
كل ما فيّ بحكمة أوجدَتها،
وبتدبير فائق أقمني لأشهد لقدرتك!
يا لعظمة جلالك وقدرتك وحبك!
من كتاب لقاء يومي مع إلهي
خلال خبرات آباء الكنيسة الأولى
لأبونا تادرس يعقوب