نقاوة القلب

 

القدَّيس أغسطينوس

 

كما يعلَّم القدَّيس أمبروسيوس، فإنه حتى في القيامة ليس الكل يرون الله، إنَّما أنقياء القلب. وكما يقول يسوع المسيح ربَّنا: طوبى للأنقياء القلب لأَّنهم يُعاينون الله" (مت ٥: ۸). هذا يعني أن البعض لن يروا الله. نحن نعلم أن غير المستحقَّين سوف لا يروه. وكما قال ربنا: "كل الذين في القبور يسمعون صوته ويخرجون"، لكنه هنا يضع تمييزًا. "الذين صنعوا الصالحات يقومون للحياة، وأما الذين صنعوا الشرّ فيقومون للدينونة" (يو ٥: ٢۸-٢۹).

 

بدون شك لن يُسمح للشيطان وملائكته برؤية الله نهائيًا، لأنهم ليسوا أنقياء القلب. يلزمنا أن نفهم بوضوح ما قد ورد في سفر أيوب، حيث يصف الملائكة قادمين في حضرة الله، وقد جاء الشيطان معهم. لسنا نعتقد بأن الشيطان رأى الله. لقد جاءوا في حضرة الله، لكنه لم يأتِ إلى حضرتهم، هنا التمييز، عندما نرى شيئًا يأتي إلى حضرتنا...

 

لقد جاءت الملائكة والشيطان ووقفوا أمام الرب، لكن الرب لم يكن أمامهم. لا يريد الأشرار أن يروا، وبالحق لا يقدرون أن يروا الله. لذلك ما أخبركم به الآن فهو عن فهم عميق، ومهم لنا جميعًا. بالحقيقة يوجد أناس لا يريدون بالحق أن يروه. وكما يحذَّرنا القدَّيس أمبروسيوس: "الإنسان الذي لا يريد أن يرى الله لن يراه. فإن الله لا يُرى في أي موضع وإنّما في القلب النقي".

 

في هذا القول يطلب منَّا أمبروسيوس محب الله الحقيقي أن نأخذ حذرنا. فإن لم تكرَّس نفسك لنوعٍ من العمل الروحي الذي ينقَّي القلب على الدوام، أي تتحرَّر من الفكر العالمي والإغراءات التي تسبب ظلمة روحيَّة وتثير الشهوات الجسديَّة، فإنك بالحقيقة لا تريد أن ترى الله...

 

إننا مثل المرتل الذي استطاع أن يقول عن الله الآب: "يشبع بالخيرات رغبتي" (مز ١۰۳: ٥). إنَّنا مثل موسى الذي التهب بالشهوة الروحيّة فصرخ لله: "أرني مجدك" (خر ۳۳: ١۸). إننا مثل فيلبس الذي في عطش داخلي سأل يسوع: "أرنا الآب وكفانا" (يو ١٤: ۸).

 

 

 

نقَّ قلبي بنعمتك، فأعاين مجدك!

 

اغسل عينيّ، فأرى بهاءك!

 

لتملك في أعماقي، فاستقر في حضنك!

 

 

 

من كتاب لقاء يومي مع إلهي

 

خلال خبرات آباء الكنيسة الأولى

لأبونا تادرس يعقوب