مضخَّة الصلاة

القدَّيس أغسطينوس

لقد نلنا سرّ المعموديَّة، ومع ذلك فنحن مدينون، لا لأن المعموديَّة لم تغفر خطيَّة معَّينة، وإنما لأَّننا نرتكب في حياتنا ما يحتاج إلى غفران يومي. إن الذين اعتمدوا، وبعد خروجهم من جرن المعموديَّة انتقلوا من العالم في الحال، هؤلاء تركوا العالم وهم بلا خطيَّة، وأما من اعتمد، وبقى في هذه الحياة، فإنه يرتكب نجاسات بسبب ضعفه الجسدي. وبالرغم من أن ما يرتكبه من نجاسات لا يؤدي إلى غرق سفينة حياته، إلا أنها تحتاج إلى مضخَّة تنزح هذه النجاسات التي دخلت السفينة، لئلا يؤدي دخولها شيئًا فشيئًا إلى غرق السفينة. وأما المضخًّة فهي الصلاة، ولكن علينا أن نصنع الإحسان أيضًا مع الصلاة. فعندما نستخدم المضخًّة لنزح ما بالسفينة، نستخدم أصواتنا وأيدينا. ونحن أيضًا نستخدم أصواتنا عندما نصلَّي قائلين: "اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا" ونعمل بأيدينا عندما "نكسر للجائع خبزًا ونُدخل المساكين التائهين إلى بيوتنا" (انظر إش ٥۸: ۷). اصنع إحسانًا في قلب الفقير فيشفع فيك أمام الرب.

إننا نقول "اغفر لنا ذنوبنا"... أي إنسان يعيش في هذه الحياة ولا يحتاج إلى هذه الطلبة؟ إن الإنسان قد يتكبَّر، ولكَّنه لا يستطيع أن يتبرَّر. من الخير له أن يقتدي بالعشَّار ولا ينتفخ كالفرَّيسي الذي صعد إلى الهيكل متباهيًا باستحقاقه، خافيًا جراحاته. فالذي قال "اللهم ارحمني أنا الخاطيء" (مت ١۸: ١٢) عرف إلى أين يصعد.

انظروا أيها الإخوة... كيف علَّم الرب يسوع تلاميذه الذين هم رسله الأوَّلين العظماء، قادة قطيعنا، علَّمهم أن يصلَّوا بهذه الصلاة. فإن كان القادة يطلبون من أجل مغفرة خطاياهم، فكم بالأكثر ينبغي علينا نحن الحِملان؟!

 

من كتاب لقاء يومي مع إلهي

خلال خبرات آباء الكنيسة الأولى

لأبونا تادرس يعقوب