الشعور بحلاوة الخطية
* من أسباب قسوه القلب هو الشعور بحلاوة الخطية.
إن ذاق الإنسان الخطية، ووجدها حلوة، ما أسهل أن ينسى محبة الله، وينسى وصاياه، ويتقسى قلبه. وتغطى حلاوة الخطية على كل شيء، وتبسط غشاوة علي العقل و القلب.
* حواء لما رأت الشجرة شهية للأكل ، تقسى قلبها.
ونسيت وصية الله، ونسيت حكم الموت... ولم يعد أمامها حياة النقاوة، ولا محبة الله. وشهوة الشجرة غطت علي كل شيء.
* كذلك شمشون نسى نذوره، وخدرته حلاوة الخطية.
حينما كان مع دليله لم يكن مع الله. أنسته الشهوة الخاطئة كل شيء. ونداء الروح الذي فيه لم يعد يعطي تأثيره. بل نسى أن دليلة لم تكن مخلصة له، وسلمته لأعدائه أكثر من مرة. ولكن القلب بالشهوة قد تقسى حتى عند سماع صوت العقل. أصبح صلبا، لا يؤثر فيه شيء . . . وفقد شمشون كرامته ونذوره (قض ١٦).
* لهذا السبب أيضا رفض الشاب الغني وصية المسيح.
كان يبحث عن الحياة الأبدية ويسأل عنها. وكان يحفظ الوصايا منذ صباه. ولكن كانت هناك محبة المال في قلبه. وحلاوة هذا المال، قست قلب هذا الشاب. فسمع الوصية من المسيح، ومضى حزيناً، لأنه كان ذا أموال كثيرة (مت ١٩: ٢٢).
* وحلاوة الخطية قست قلب فرعون ...
أمامه مئات الألوف يمكنهم أن يسخرهم في أعماله. كيف يمكن أن يترك كل هؤلاء يمضون، ويخسر هذا الجيش من المسخرين؟ حلاوة هذه الخطية، خطية السخرة، وخطيه السيادة، قست قلبه، فلم يستفيد من كل الضربات التي حلت عليه وعلى مصر كلها وكلما كان القلب يستجيب، كانت حلاوة الخطية تثنيه فيرجع.
* حلاوة الخطية تجعل صوت الضمير يفقد تأثيره، ويتقسى القلب.
فإما أن الإنسان ينسى وصية الله، وإما أن يؤجل تنفيذها لكي يستمر بقاؤه مع الخطية التي يحبها فتره أطول. وخلال هذا يصم أذنيه عن كل صوت داخلي يبكته، وعن كل صوت خارجي ينصحه. ويصبح قلبه صلباً غير قابل للتحول. يناديه العقل أن يبعد عن هذه الخطية التي يحبها، ويناديه الضمير، وتناديه كل المؤثرات الروحية, ولكن القلب الذي تقسي بالخطية يقول "نعم سأبعد، ولكن ليس الآن" ويؤجل التوبة.
* التأجيل يقسي القلب، فلا يلين للهاتف الروحي.
قساوة القلب تجعل الإنسان يؤجل التوبة. وتأجيل التوبة يقسي القلب بالأكثر. فكلما يؤجل الإنسان توبته، ويستمر شاعراً أنه يتمتع بالخطية، تزداد حالته سوءاً. ممارسته للخطية تشعره بحلاوتها ونفعها. وحلاوة الخطية تدعوه إلى مزيد من الممارسة. وفي كل ذلك يكون القلب قاسيا لا يتأثر بالروحيات.
* لا حل إلا أن يفقد الشعور بحلاوة الخطية.
فإما أن يصل الشخص إلى الاقتناع بأنه في حالة ضياع، وبأن الخطية تضره هنا وتفقده أبديته. وإما أن بعض نتائج الخطية تهزه هزاً. وإما أن الله يضربه ضربه فيستيقظ. وإما أن يمل من الخطية ويتعب، وحينئذ يفكر تفكيراً آخر.
* وهناك علاج آخر هام هو: الإكثار من أغذية الروح ، حتى تفقد الخطية حلاوته.
لابد أن تتغير نظرة الإنسان إلى الخطية. ولعل هذا ما يقصده الرسول بقوله "تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم" (رو ١٢: ٢)، وبتجديد الذهن لا يشعر بحلاوة الخطية.
قداسة البابا شنودة الثالث
من كتاب: حياة التوبة والنقاوة