رسالة روحية
حَبَّة الخردل والإيمان بالمسيَّا المتألِّم
القدِّيس أمبروسيوس
يشبه ملكوت السماوات حبَّة خردل أخذها إنسان وزرعها في حقله. وهي أصغر جميع البذور، ولكن متى نمت فهي أكبر البقول، وتصير شجرة حتى أن طيور السماء تأتي وتتآوى في أغصانها" (مت 13: 31-32). الرب نفسه هو حَبَّة الخردل، بدون الآلام ما كان للشعب أن يعرفه كحَبَّة خردل ولا يلاحظه. لقد اختار أن يُسحق، لكن نقول: "لأننا رائحة المسيح الزكيّة لله" (2 كو 2: 15). اختار أن يُضغط عليه (يُعصر) حيث قال بطرس: "الجموع يضيِّقون عليك ويزحمونك" (لو 8: 45). واختار أن يُزرع في الأرض كبذرة أخذها إنسان وغرسها في بستانه. ففي البستان أُخذ المسيح سجينًا، وأيضًا في البستان دُفن. لقد "نبت" في بستان حيث قام من الأموات وصار شجرة، كما هو مكتوب: "كالتفاح بين شجر الوعْر كذلك حبيبي بين البنين" (نش 2: 3). هكذا ليُزرع المسيح في بستانك، فإن البستان هو الموضع الممتلئ زهورًا وثمارًا متنوعة، فتنمو الفضيلة التي لجهادك وتفيح العذوبة المتعددة لفضائله الكثيرة! حيث يوجد الثمر يوجد المسيح. لتَزرع يسوع الرب، فهو بذرة حين يََمسِك به إنسان، وهو شجرة حين يقوم، إنه الشجرة التي تعطي ظلاً للعالم! إنه بذرة يُدفن في القبر، وهو شجرة تعلو إلى السماء! لتضغط عليه باقترابك إليه جدًا ولتبذر الإيمان! فإننا نتبعه عن قرب ونبذر الإيمان عندما نعبد المسيح المصلوب. فقد اقترب إليه بولس بإيمان عندما قال: "وأنا لمّا أتيتُ إليكم أيها الاخوة أتيتُ ليس بسموّ الكلام أو الحكمة مناديًا لكم بشهادة المسيح، لأني لم أعزِم أن أعرف شيئًا بينكم إلاَّ يسوع المسيح وإيَّاه مصلوبًا" (1كو 2: 1-2).
† † †
قبلت أن تُدفن في قلبي. كحبة الخردل الصغيرة، فتنبت وتصير شجرة مرتفعة حتى السماء.
شجرة حب تضم كثيرين وتأويهم.وتحت ظلها يحتمي كثيرون
من كتاب لقاء يومي مع إلهي
خلال خبرات آباء الكنيسة الأولى
للقمص تـادرس يعقـوب ملطـى